Genius Algeria
En attendant Dystopia / في إنتظار ديستوبيا
نديروها و نجيبوها غي بلاتي
تفهم شوالا الراب و مين آتي
Fada Vex - Winston Smith
في الطريق نحو سنته الرابعة، بلغ عدّاد الديستوبيا 14 وصلة، سبعة كليبات، سبعة تعاونات موسيقية و عشرة عرابين.
المشروع الذي بدأت عهدته بتاريخ 12/12/2019 يظهر جدّ مختلف عن مشاريع الفادافاكس السابقة، ففي الوقت الذي توقّع الجميع أن مسيرة الشيخ مليك تتجه نحو نهايتها بعد أن توقّف مسار فرقة الطوكس عاكس مليك جميع التوقعات بل و دفع بنفسه نحو عوالم فنية جديدة
ألبومين فرديين سابقين، ثم نواجل التايك، فما الجديد في الديستوبيا؟
إن ألقينا نظرة خاطفة على الفاكتور 2004 و رمز المكتوب 2010 سنلاحظ نقاط تشابه عديدة، فالتركيز على عصب الكونسابت و الرؤية الفنيّة يظهر واضحا على طول المشروع، و هو بدوره يعكس توجه الشيخ ماليك الذي يختار تعاوناته الموسيقية بدقّة و عناية و يفضّل بناء الألبوم كاملا (أو جلّه) مع منتج موسيقي واحد يستطيع حمل قبعة الإدارة الفنية للمشروع و في نفس الوقت يقاسم الفادافاكس نظرته الفنية، ليتمكّن من وضع لمسته و يضيف جمالية فنية و تقنية لهيكل الألبوم
أما نواجل التايك الذي صدر كألبوم على الأرضيات الرقمية بعد عدة سنوات من صدور جميع طراكاته منفردة على شكل سينغلز فهو مختلف عن سابقيه، فقد جمع بين الفكرة و التجربة، و كان نقطة تحول من فادافاكس الطوكس إلى فادافاكس (رغم أن بداية هذا التحول قد ظهرت بوادره في ميكستايب حبر على ورق الصادرة سنة 2016)
و اليوم، نظرة أولية على ديستوبيا تجعلنا نلاحظ أنه اتّبع تقريبا نفس نهج الألبومين الأوّلين مع نفحة صغيرة من نواجل التايك، فالإدارة الفنية و الإنتاج الموسيقي وضعا بين يدي المبدع وليد دي برود الذي تمكن منذ إنطلاق المشروع من توجيه الدفّة نحو عوالم موسيقية جديدة عما اعتدناه في مسار الفادافاكس، فبداية من نوعية البيتس المستعملة، لاحظنا توجها أكثر نحو التراب، و غوصا في عالم الألحان و العينات على إختلافها: موسيقى الواست (غرايت)، ألحان الجاز و الساكسوفون (وينستون سميث)، و كذا الدريل .... و هذا يظهر قيمة التعاون الفني بين الخبرة و التقنية، بين فنانين متميزين في مجاليهما يتجهان لخلق ثنائية لم نعهدها في الراب الجزائري
كما أعاد لنا ديستوبيا نفحة من رمز المكتوب إذ شهدنا عودة ثنائية (فادافاكس / واندار) من جديد، و هي الثنائية التي بصمت سابقا على ألبوم رمز المكتوب و عادت مجددا في بعض التعاونات القصر ، الأصبع الثالث، و العربون 8
و من جهة أخر فقد ظهرت الديستوبيا مستعدة لإحتضان شخصيات جديدة عن عالمها، سبعة تعاونات موسيقية -لحد الآن- تجاوزت الحيز المعتاد للراب. فبعد ما يقارب 30 سنة من النشاط في الهيب هوب تمكنا أخيرا من رؤية فادافكس في تعاونات غير متوقعة (بن ساكس، إلياس، يوبي، عدلان، لارقو ...)، تعاونات تتجاوز فكرة الأجيال إلى واقع القوة و الحضور و الإبداع، و بالمقابل قد تكون هته أول مرة نشهد غياب الثنائي (بانيس/أبرازاكس) عن ألبوم من ألبومات الفادافاكس (إلا إن حدثت المعجزة). و بالتالي فإن ديستوبيا فتح باب الخبرة و التحكم الفني و التقني أمام فكرة التجديد و التجريب
ما محل الكونسابت في الديستوبيا؟
أربعة عشر وصلة و لازال المشروع لم يكتمل و لم تتضح رؤيته الفنية جيدا. قد يظهر هذا غريبا في ألبوم من ألبومات الفاذر، لكن واقع أن المشروع في الحقيقة هو ألبوم مزدوج (دوبل ألبوم) قد يبلغ حد 25 طراك أو أكثر، ثم أنه قد يكون تجريبيا أكثر منه موضوعيا، يتركنا نترقب القادم منه. فإضافة إلى الموسيقى الجديدة و التعاونات العديدة المختلفة و الغوص في عالم العينات المتنوعة من راب، قرقابو، ثم الموسيقى العربية و الجزائرية و كذا السيمفونيات الكلاسيكية، و أيضا بعض التمارين التقنية في الكتابة (كما في التعاون مع إلياس أين إعتمد كل مقطع على ترديد حرف معين)، فقد وظف الفادافاكس المصادر و الأفكار الديستوبية في مشروعه مرتكزا على الأدب و الرواية، و قد ظهر هذا بوضوح بعد أن ألحق "رباعية فاطيمة" بعالمه الديستوبي (الدهقاني، العربون السابع، و روميكس فاطيمة -إن وجد- و قد يكون الروميكس نفسه العربون السابع، و هناك بعض الروابط الظاهرة بين هته الرباعية و بين طراك الأصبع الثالث). و من كل هذا يظهر أن الشيخ مليك ربما تمكن أخيرا من ايجاد العناصر اللازمة لبناء هيكله الديستوبي و ما علينا إلا الإنتظار
هل تتمازج مكونات اليوتوبيا و الديستوبيا في طبق واحد؟
و أنا أشاهد المشهد الختامي من فيلم "القائمة 2022" (دون حرق)، قفزت إلى بالي فكرة كنت قد حاولت اصطيادها من قبل و لم أنجح، و هاهي تتمثل أمامي الآن في المشهد، أن ترى إنغماس الفنان في فنه إنغماسا تاما، إنغماسا يخلق تركيبة فنية مبهرة كأنها يوتوبيا فنية، مشهد سماوي لمدينة فاضلة لحظة خلقها، و في نفس اللحظة يظهر الإنغماس الفني إنغماسا في الملذات، لا فاصل بين الإثنين، فالإنغماس في ديستوبيا الذات و الفن و الوجود موجه بحب تتوّجه نشوة انصهار الكائنات في موضوعات الفن، فاصل يسقط و يعوض بجسر، فإما تجسيم و غرور، أو البحث عن موضوع أشمل
أتذكر عند هته النقطة ما قاله الشيخ ماليك يوما حين سئل عن مصادر إلهامه فأجاب "أين يكمن الحب و أين يكمن الغضب"، توقفت عند هته الجملة، إذ لطالما حملت نفس الفكرة، خاصة في فعل الكتابة. ليس تضاد كالذي بين الحب و الكره، بل حب و غضب، إحساسين يمكن تضمين أحدهما في الآخر حسب الظروف، نبض مستمر لكنه يخفت أحيانا و يشع في أخرى، حتى في أبسط كتابة على الجدران ستجد الحب و تجد الغضب
ما جعلني أبلغ هته النقطة هو سؤال هل سيكون ديستوبيا ذروة مشاريع الفادافاكس الفنية (يوتوبيّته) و هل سيكون في نفس الوقت ديستوبيّته!
للتساؤل تفسيرات عدة، قد يكون أكثر مشاريع مليك وصولا إلى الجمهور (لعدة إعتبارات)، قد يكون آخر مشاريعه، أو قد يكون إنطلاقة جديدة بمعايير مختلفة ... و مهما اختلفت السبل فإن الجاذبية الوحيدة مرتبطة بمركز ثقل المضمون
أعود مرة أخرى بالزمن إلى الوراء في ذكرى خاطفة لرمز المكتوب، إذ أتصوره بعرض بطيء كحصى لحظة اصطدامها بسطح مائي راكد بعد أن سقطت من عل، دائرة تمتد، تعقبها دوائر و امتداد، ثم تخفت الذكرى
صدور ذلك المشروع كان في فترة سأصفها حساسة في الراب الجزائري، لمذا؟ لايهم، ثم فترة مهمة على المستوى الشخصي للشيخ ماليك، لمذا؟ لا يهم. ما يهم أنه و رغم مرور السنوات لازال العديدون يرون رمز المكتوب ذروة في مسيرة الشيخ ماليك، ليس بمعنى أن ما أعقبه لم يرقى لمستواه أو لم يتجاوزه، بل لأنه و ببساطة صنع منعطفا واضحا في الشخصية الفنية و منه في العمل الفني و بدون شك في شخصية ماليكأنا من دوك لي يأمّن الراب يبدّل الناس
(Fada Vex - El 3arboune #6)
الآن و بالعودة للديستوبيا فهي مشابهة لرمز المكتوب الذي صدر في فترة شبه انتقالية في عالم الصناعة الموسيقية من الأقراص المضغوطة المحتضرة إلى عالم اليوتيب، و اليوم نرى ديستوبيا تحوم في فترة هي بالنسبة للراب الجزائري فترة تموقع في الأرضيات الرقمية و ربما بداية تنفس و لو صغير في مجال الصناعة الموسيقية، أما بالنسبة للعالم قريبه و بعيده فهي فترة عودة الفن إلى المسارح و العروض الحيّة بعد الكوفيد و في نفس الوقت انتعاش الإصدارت الملموسة على شكل فينيلز بدرجة أولى ثم أقراص مضغوطة، هذا دون التطرّق إلى نقطة الأرضيات الرقمية و الستريمينغ التي أصبحت أمرا مفروغا منه لا يحتاج إلى تفصيل. ثم على المستوى الشخصي للفنان، فإن السن تصحبه الخبرة و التجربة، و كل أمر شخصي و احتكاك بالمحيط و المجتمع جزء من شخصية الفنان لا يحتاج أن نتخبّط أو نغوص في تحليله كتابة، فعقرب الواقع يحد النهايات الدرامية، ثم إنني أجدني أستمتع أكثر بقراءة العمل الفني و ما بين سطوره دون قتل المتعة الكامنة فيه. و منه، الديستوبيا واقع و الأدب و الفن تجسيد، فلا فائدة من رفض الديستوبيا دون فرض معاييرك و إن كانت في ذاتها ديستوبيّة، فمن يدري لعل نارا مدفوعة بغضب تطفئ لهيبا عبثيا أوقظ لتدمير ديستوبيّة روما الحالية، و سيتلاشى اللهيب و في دخانه حلم انبعاث اليوتوبيا من الرماد
الجديد شكلا و مضمونا
ديستوبيا حتى قبل صدوره الرسمي و إضافة لمضمونه الفني و الفكريّ، فإنه لم يتغافل عن الإختلاف و التجديد في الجانب الشكليّ و الهيأة العامّة، و لا بد لأي مستمع من إحتواء و فهم بعض الأفكار الأساسية التي تشكل القالب العام للمشروع ليتمكن من الإحاطة ببعض جوانب هذا العالم الديستوبي
التاريخ:
لقد أعلن الشيخ مليك مؤخرا عن تاريخ صدور ألبومه كاملا، و قد إختار له يوما لا يمكن أن يتغافل عنه أي هيب هوبر، فتاريخ 11 أوت 2023 الذي سيعرف إن شاء الله الصدور الرسمي لديستوبيا هو نفسه الذكرى الخمسون للميلاد الرسمي لثقافة الهيب هوب، و تكفي الرمزية لتتضح الفكرة، فديستوبيا هو تتويج لمسيرة جد طويلة قطعها مليك تحت راية و لواء الهيب هوب
ألبوم مزدوج (دوبل ألبوم):
لقد أشرت فيما سبق أن مشروع ديستوبيا ليس ألبوما بل هو ألبوم مزدوج، أي أنه مشروع يمتد زمنه ضعف زمن الألبوم (و قد أشار مليك مؤخرا أنه سيكون في حدود 25 طراك). هذا النوع من المشاريع هو الوحيد الذي ينقص من ديسكوغرافيا الشيخ مليك، فقد عرفت إصداراته على المستوى الفردي أو مع فرقة طوكس و في التعاونات المختلفة جل أنواع المشاريع الموسيقية التي تتأقلم و متطلبات الساحة الموسيقية الجزائرية (ألبومات، ميكستايبات، نات تايب، ثلاثيات، كومبيلز، و حتى سلسلات فريستايلات و سايفرز ...) رغم غياب بعض المشاريع الأخرى، لإعتبارها محتضرة أحيانا لقلة الجدية فيها كالماكسي الذي لم يعرف وجودا كبيرا في ساحة الراب العربية ككل، و كذا الألبومات المصغرة، و هذا راجع بدون شك لجدية مليك و الطوكس عموما التي كانت تفرض معاييرا لا يمكن ضبطها إلا في مشاريع حقيقية محاكة بتفصيل، و رغم عدم توجه مليك أو طوكس نحو إنتاج ألبومات مصغرة إلا أن الفرقة أنتجت في مرحلة من مراحلها بعض "الثلاثيات"، و قد كان آخر إصدار لها ثلاثية سينوبسيس بتاريخ 30-06-2018
و بالعودة للألبوم المزدوج هو الآخر من المشاريع القليلة في ساحة الراب الجزائرية و العربية، و أول ألبوم مزدوج في ساحة الراب المغاربية كان من إنتاج الرابرالمغربي 2غانز بعنوان ملك بلا تاج سنة 2012
2Gunz - Malik bla taj (09/01/2012)
ثم تلاه أول ألبوم مزدوج في ساحة الراب الجزائرية للرابر سفيان حامة و الذي صدر على مرحلتين، فالجزء الأول منه بعنوان غير ولادهم و قد صدر في 28 ديسمبر سنة 2018، أما جزءه الثاني فقد صدر بداية 2019 بعنوان حكومة هاردكور . و هنا تجدر الإشارة إلى أن هذا الألبوم المزدوج هو الآخر كان سيصدر في تاريخ يحمل رمزية كبيرة و هو تاريخ 05 أكتوبر 2018 (أي ذكرى مظاهرات 05 أكتوبر 1988)، و إضافة إلى الأبعاد الإجتماعية و السياسية التي يحملها هذا التاريخ، فإنه قد يرتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ الراب الجزائري إن نحن احتكمنا لقصة رضا (ريدزو) العضو المؤسس في فرقة "أنتيك" و التي يروي فيها اللقاء الأول لأعضاء الفرقة في تلك الفترة. و للأسف و لبعض المشاكل التقنية فإن سفيان حامة لم يتمكن من إصدار ألبومه المزدوج في يوم 05 أكتوبر 2018، لكنّه عاد بعد سنتين بالضبط من هذا التاريخ، و في يوم 05 أكتوبر 2020 قام بإعادة إصدار لألبوم الحرب الأهلية، الألبوم التاريخي لفرقة "أبناء الحامة" و الصادر سنة 2003 (إذ تمت إعادة إصداره و نشره ليصبح متوفرا على كامل منصّات الإستماع الرقمية)
العربون:
إن نحن أردنا الإحاطة بالديستوبيا فلا يمكننا أن نمرّ مرور الكرام عن سلسلة الفريستايلات المصاحبة للألبوم و المعنونة بالعربون، إذ هي بمثابة المقدمة التي ترسم قصة قصيرة توازي ديستوبية الرواية كاملة. و هي الأخرى تحمل ألحان البيتمايكرز الحاضرين في الألبوم (دي برود / وان دار). و بكل بساطة فإن سلسلة العربون إسم على مسمى، عودتنا على إنتظار التشويقة قبل كل سينغل يصدر. و كل ما قيل في حق الألبوم من تسلسل و تجريب و انتقال بين عوالم موسيقية و فنية مختلفة يمكن أن ينطبق عليها دون التمطيط و التفصيل حد التجريد من التشويق، فالتشويق هو الغاية الأولى أو على الأقل الثانية منها (فالأولى فنية بدون شك)
الصورة:
خلافا لمشاريع الفادافاكس السابقة، فإن ديستوبيا عرفت بروزا أكثر على المستوى المرئي كما و نوعا. سبعة كليبات لحد الآن، تختلف حسب نوعها و جودتها و مضمونها، إضافة لمونتاج فيديو جيد جدا في طراك (451 فهرنهايت)، و كذا كوفرز في المستوى (أغلفة الطراكات المنفردة) في إنتظار الغلاف الرسمي للألبوم
بالنسبة للكليبات و دون الغوص في التفاصيل الفنية و النقدية، فإنني سأكتفي بالإشارة إلى أفضل ثلاثة كليبات من منظور سينمائي. الأصبع الثالث من إنتاج وليد بن يحي، و مراية من إنتاج فرحات قراين المعروف ب "نوار" على رأس القائمة، ثم يليهما كليب لغريب الذي فيه من البساطة و الجمالية ما يجعله يتجاوز بعض الكليبات الأخرى التي تحمل سيناريوهات و أفكارا هي الأخرى جيدّة لكنها تفقد بعض النقاط في جانب التقنية و الدقة و اللمسات أخيرة، و قد كان وراء إنتاج كليب لغريب بانيس الذي و إن غاب كرابر فإن نظرته الفنية العجيبة حاضرة في صورة الديستوبيا (و قد تختلف الآراء و الأذواق في التفاضل بين الكليبات، لكنني أفضل الإحتكام إلى النظرة السينمائية بدرجة أولى).
الموسيقى:
ديستوبيا و كما سبق و أشرت فقد أعاد لنا ثنائية (فادافاكس / وان دار) و خلق ثنائية جديدة (فادافاكس / دي برود)، هذا الأخير الذي استلم قبعة المدير الفني للمشروع أحدث بحق فارقا واضحا سواء في إنتاجات الشيخ مليك أو حتى في ساحة الراب الجزائرية بشكل عام، كما تمكن إضافة إلى قبعة المدير الفني و البروديوسر من حمل قبعة ثالثة في مشروع ديستوبيا و هي قبعة الرابر في أول سينغل صدر من هذا الألبوم، إضافة لغنائه لازمة طراك وينستون سميث
الرتابة و الروتينية التي طغت مؤخرا على جزء كبير من إنتاجات الراب الجزائري، تمكن الثنائي (مليك / دي برود) من المرور بمحاذاتها دون السقوط في فخّها، و في نفس الوقت فإن إنتاجات دي برود مع الرابرز الآخرين في مشاريعهم المختلفة تظهر قدرته على صناعة منتوج حسب متطلبات السوق (أو الرابر) و هته نقطة فارقة في البروديوسر خاصة إن هو إستلم الإدارة الفنية لإستوديو، أو لرابر أو لمشروع بعينه. كما تجدر الإشارة إلى حضور بيتمايكر ثالث لحد الآن في ديستوبيا و هو نوكتيرن صاحب لحن طراك لغريب مناصفة مع ديبرود
الكلاسيك:
لا يخلو مشروع من مشاريع الطوكس أو أحد أعضائها من كلاسيك، و إن إختلفت المعايير التي تمكننا من وصف قطعة موسيقية في الراب ب "كلاسيك"، إلا أن أغلب التعريفات دائما ما تتضمن جزءا معتبرا من الذوق الشخصي، ما يجعل القضية صعبة الفصل من منظور نقدي. و لحد الآن و من الأربعة عشر وصلة الصادرة من مشروع ديستوبيا فقد وسم العديد منها من المستمعين للراب بكلمة "كلاسيك" (و للأسف قلة الإعلام و المقالات جعلت الأمر مقتصرا على التعليقات في اليوتيب و وسائل التواصل)، و رغم أن التعليقات عديدة إلا أنها تظهر أحيانا محتكمة لفكرة وصول الطراك لأكبر عدد من المستمعين أو في الثنائيات مع الرابرز ذوي قاعدة جماهيرية معتبرة أكثر منها احتكاما للأفكار العامة المعروفة التي قد تمكننا من وضع وصلة دون غيرها في خانة الكلاسيك كالقيمة الفنية للوصلة و المضمون و الجودة و الروح التي يحملها العمل الفني و الشعور الذي لا بد أن يتواصل بمرور الزمن (و كلها قد تكون معايير نسبية). و الإحتكام لهكذا معايير عشوائية يعود من جهة لصعوبة وضع معايير واضحة محددة لمعنى "الكلاسيك"، و من جهة أخرى لجهل الجمهور الواسع بالتعريفات المختلفة للمصطلح أو حتى بالمعايير المستعملة سواء في الراب الفرنسي أو الأمريكي (و التي و إن إختلفت إلا أنها تستطيع رسم فكرة عامة مرتكزة على العمل الفني بكل عناصره المصاحبة له و الظروف المحيطة به). و إحتكاما لفكرة الكلاسيك مع بعض التوظيف لذوقي الخاص، فإنني سأرشح خمسة طراكات من ديستوبيا لتتوّج بوصف الكلاسيك:
- الأصبع الثالث
- 451 فهرنهايت
- الدهقاني
- القصر
- وينستون سميث / لوم
أدب المدينة الفاسدة
سواء في الأدب أو الفلسفة أو الفن فإن فكرة الديستوبيا كما اليوتوبيا عرفت إنتشارا واسعا ألهم عديد المبدعين و كان حجرا أساسيا في عديد الإنتاجات الراسخة
فادافاكس إستلهم من ديستوبية الفكر المنعكسة على مرايا الواقع السياسي و الإجتماعي و الفني، ليشرع في رسم لوحة سريالية يضبط عبثها الفوضى الواقعية. فأمام صراع أقطاب فكريّة متدثرة بعباءة سياسية كان لابد من توظيف لمحة إنتقامية بنبرة غاضبة أحيانا و واعية في أخرى تصر على توجيه إصبعها الأوسط لصناع الأزمات و مستغلّيها ممّن يرسمون بأقلام البروباغندا عوالم يوتوبية تحرّم الفكر و ترسّخ تقديس أصنامه. و عند منعطفات العدم و الوجود كان للتأرجح بين شخصية الغريب بأجوبتها المباشرة و تساؤلات وينستون سميث المعقدة قدرة على تحديد معالم المخطط الفكري في محيط الحياة و في يابسة الفن. أما أمام بساطة الإنسان التي تلغي مقياس الغرور و تعوضه بالحكمة المستمدة من تجارب الحياة، فإن فساد الطبائع يذبل، لكنّ الجمال المراد في الروح لن يتحقق إلا إن خلّف جروحا مفتوحة على القلوب و تشوهات واضحة على الأجسام، فالحرب بين الخير و الشر دائما ما تدق مهراز الوقت فوق النائمين على السندان. و مهما اختلف المنظور فإن الفساد متواجد على كل الأصعدة، و إن تعذر وصفه بلساننا الحالي، فلابد من خلق لغة جديدة تحمل في كيانها من الديستوبية ما يستطيع تجسيد الواقع و ضبط المعايير التي تحدد المسؤوليات و تعفينا من تقاذف اللّوم. تلك هي المعايير التي تسيّر الديستوبية المضادة للديستوبية السائدة في الفن و في الحياة و في المجتمع، فإن كان تحقيق عالم يوتوبي أمرا مستحيلا، فإن بناء قصر عظيم وسط عالم ديستوبي ليس بالأمر الصعب أبدا
Peace, Love, Unity & Having Fun